جولولي

اشترك في خدمة الاشعارات لمتابعة آخر الاخبار المحلية و العالمية فور وقوعها.

الكسندر صاروخان.. و5 دقائق «ثمينة» مع محمد نجيب

الاربعاء 09 أكتوبر 2013 | 11:56 صباحاً
القاهرة - Gololy
544
الكسندر صاروخان.. و5 دقائق «ثمينة» مع محمد نجيب

لم تكن ثورة 23 يوليو 1952 مجرد عمل عسكري أطاح بنظام الملك فاروق فقط، وإنما كانت في نظر الجميع عمل إعجازي قامت به قوة خارقة تُدعى «الضباط الأحرار»، لذلك لم يكن مقابلة كبيرهم اللواء محمد نجيب بالشيء الهيّن على رسام الكاريكاتير الشهير الكسندر صاروخان.

صاروخان تلقى موافقة من مكتب نجيب بأن يحضر لكي يضع رسم كاريكاتير لأول رئيس مصري، وقد وصف انفعالاته قبيل وأثناء لقاء نجيب بمقر القيادة العامة، في مقال صحفي نادر بإحدى الصحف؛ حيث حمل معه ورقة بيضاء وقلمًا من الرصاص فقط وتسللت خطواته حتى باب القيادة ووقف ينتظر الإذن بالدخول.

واعترف الرسام الروسي- المصري أنه في وقفته تلك ساورته فكرة مفاجئة وهي أن يستدير في هدوء ثم يطلق ساقيه للريح، على الرغم أنه كان على ميعاد متفق عليه مع القائد العام، بل وقالوا له وقتها: «أنت رجل محظوظ، فليس لدى محمد نجيب وقت يعطيه لأحد في هذه الأيام. وعلى الرغم من ذلك فإن وقت المقابلة مفتوحًا وغير مقيد بزمن معين، ولكن في حدود المعقول».

صاروخان، الرجل الذي يتقاضى مرتبه من جريدته على رسوماته الساخرة من جميع الزعماء، وجد من الصعوبة أن يسخر من الرجل الذي قام بما لم يقم به إنسان في تاريخ مصر الحديث، وأنقذه من هذا التفكير كلمة «اتفضل».

وحينما جلس أمام نجيب وتبادلا التحية المطمئنة، أنفق الرسّام عدة ثوان ثمينة في البحث عن القلم الرصاص الذي كان في يده عندما صافح القائد العام، وأخيرًا وجده وقال لنجيب أن الوقت الذي سيحتاجه هو 10 دقائق، ولم يعترض اللواء بل كان يظن أن الأمر سيحتاج إلى أكثر من ذلك.

ومرت دقيقتان «ثمينتان» وصاروخان لا يفعل شيئًا سوى تأمل هذا الرجل الذي كان يجلس أمامه «كنت في حاجة إلى رسام يتحمل الانفعالات على وجهي أنا وأنا أحسده على نشاطه الدافق الذي لم يحطه الجهد ولا السهر، ولا القلق ولا الفرح ولا المسئولية ولا التفكير في المستقبل».

واستمر التحديق والتأمل دون فعل شيء حتى بقي 6 دقائق فقط من الوقت المتفق عليه «وللمرة الأولى سألت نفسي: هل تكفي الدقائق الست الباقية لكي أرسم الوجه الذي أريد؟ فاجتاحني غضب على نفسي؛ إذ كيف أعجز عن ذلك وأمامي رجل قام بمعجزة في ثلاثة أيام! فوجدتني أمام مثلًا شجعني على مهمة كانت تبدو أمامي في أوقات أخرى من أشق الأمور».

والذي حدث أن الكسندر صاروخان أنهى الرسم خلال 5 دقائق فقط «وربما كان الخاطر الوحيد الذي تمثل لي ساعتئذ وأنا أرقب القائد العام وهو يوقّع بقلمه على الصورة.. هو: ذلك الرجل سيكون إلى وقت طويل مثلًا جميلًا لذوي الطموح».