جولولي

اشترك في خدمة الاشعارات لمتابعة آخر الاخبار المحلية و العالمية فور وقوعها.

الساعات الأخيرة في حياة المشير عبدالحكيم عامر قبل وفاته

الاربعاء 02 أكتوبر 2013 | 09:05 مساءً
القاهرة - Gololy
1898
الساعات الأخيرة في حياة المشير عبدالحكيم عامر قبل وفاته

لم يكن حادث انتحار المشير عبدالحكيم عامر هو المحاولة الأولى التي أقدم عليها، بل حاول الانتحار لأربع مرات خلال عام وفاته، فكانت الأولى يوم 8 يونيو حين تأكد من الهزيمة ووصلت المعركة في سيناء إلى النكسة، والمرة الثانية يوم اكتشف الانقلاب الذي قاده ضد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في 25 أغسطس، وفشلت المحاولة الثانية كالأولى وبقي على قيد الحياة.

أما المرة الثالثة، بحسب ما كشفته مجلة «آخر ساعة»، فكانت ظهر يوم 13 سبتمبر، حينما حضر إلى منزل عامر في الجيزة كل من الفريق أول محمد فوزي، القائد العام للقوات المسلحة، والفريق عبدالمنعم رياض، رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة؛ لدعوته إلى حضور التحقيقات للاستماع إلى أقواله في التحقيقات العسكرية التي جرت عقب نكسة 1967.

المشير لم يوافق على التحقيق وكان حديثه عصبيًا بدرجة بالغة، وبعد 10 دقائق انسحب إلى غرفة نومه فغاب دقائق ولما عاد لاحظ عبدالمنعم رياض أنه يمضغ شيئًا في فمه، واستمر الحديث بينهما عدة دقائق، وفي هذه الأثناء كان الأول ينظر في ساعته بين دقيقة وأخرى، وفجأة بدت عليه أعراضًا غير طبيعية، وبسؤاله قال أنه ابتلع مادة سامة حتى ينهي بها كل شيء.

وتم نقل عامر على الفور إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادي، وأجريت له الإسعافات السريعة من سبعة أطباء لعسكريين بالمستشفى، وقد قاوم في بادئ الأمر ولكنه اضطر في النهاية وتحت إلحاح الأطباء إلى الاستسلام، وقام بنفسه بإدخال خرطوم غسيل المعدة في فمه.

وبعد انتهاء العملية بدأت صحته في التحسن وتم نقله في الساعات الأولى من يوم 14 سبتمبر، إلى أحد بيوت الضيافة بالجيزة؛ لتوفير الراحة له حتى يتماثل للشفاء الكامل، وكُلف اثنان من الأطباء بالتناوب على الإشراف على رعايته الصحية، وتولى الرائد طبيب مصطفى البيومي وردية الليل فظلّ إلى جواره مراقبًا حالته التي أخذت تتحسن بسرعة، ونام ليلتها نومًا طبيعيًا.

 وفي الـ11 صباحًا استيقظ المشير من نومه وكان الرائد طبيب إبراهيم البطاطا، طبيب وردية النهار، قد حضر وظل منتظرًا مع البيومي حتى استيقاظه، فدخل الاثنان معًا إلى حجرة المشير ليشتركا معًا في عملية الكشف عليه، وكان كل شيء يستمر في التحسن، وقال المشير أنه لا يشكو سوى من بعض آثار الإرهاق.

وعند الظهر قدّم البطاطا كوبًا من عصير الجوافة المثلجة إلى المشير، مع قرصًا من البلادونال، وقرصًا من الانترستين، ورجاه أن يحاول النوم مرة أخرى وبالفعل نام المشير، ليستيقظ بعد أربع ساعات تقريبًا ودخل إلى الحمام وكان يبدو طبيعيًا، ثم فجأة سقط على أرض الحمام مغشيًا عليه، فبادر الطبيب بنقله إلى حجرة نومه وحقنه بالكورامين في الوريد لتقويته، وأخذ يساعده على التنفس الصناعي.

وقبل أن تصل سيارة الإسعاف كان المشير قد أسلم الروح في تمام الساعة السادسة والنصف من مساء يوم 14 سبتمبر 1967.

التحقيقات الأولية في تلك الأثناء قالت أن عامر كان يخفي شريط لاصق بجسمه تحته عدد من الكبسولات الصغيرة وجد بها مسحوقًا يُعتقد أنه مادة «السيانور» السامة السريعة التأثير، ولكن تقرير الطب الشرعي أكد أن تلك المادة كانت سم «الاكونيتين» أخطر أنواع السموم؛ حيث لا يوجد لها أي مضاد وتُحدث الوفاة في أقل من ربع ساعة من تناولها.

وقد تصور المحققون أن الشريط اللاصق عند أسفل البطن هو من نوع «البلاستر» وأنه موضوع لغرض طبي، ولكنهم عندما رفعوه وجدوا تحته عبوة ستة أقراص صغيرة وكانت العبوة مكتوبًا عليها اسم دواء «الرتيالين» وهو دواء منشط، وبفحص العبوة تبين أن أقراص «الرتيالين» قد وضعت بدلًا منها هذا المسحوق الأبيض الذي ثبت أنه «الاكونيتين» السام.

ولكن بعد أكثر من 40 عامًا على وفاته ظهرت تقارير سرية مثيرة تدحض رواية الانتحار، ومنها تقرير الطب الشرعي «الأصلي» الصادر عقب الوفاة مباشرة، والذي كتبه الدكتور عبدالغني سليم البشري، رئيس الطب الشرعي حينها، عام 1967 قبل أن يُجبر واضعيه على تغييره ليظهر الحادث وكأنه انتحار، حيث أظهر أن المشير لم يكن يمكنه تناول السم عن طريق الفم، وإنما جرى حقنه في جسده من خلال الوريد.

وتقرير آخر صادر عن قسم السموم بالمركز القومي للبحوث، وأعدّه الدكتور علي محمد دياب، وقال إن الوفاة تمت نتيجة إعطائه حقنة سامة قسرًا؛ بدليل وجود ثلاثة جروح وخزية بمناطق الحقن في الوريد مما يدل على أنه كان يقاوم أخذ الحقنة بكل الطرق.

واعترض تقرير ثالث على النسبة الواردة في تقرير الطب الشرعي الذي صدر وقتها، وقال أن الجرعة المنسوبة بالتقرير الرسمي وقتها تقتل كتيبة كاملة من الرجال الأقوياء في 5 دقائق، وهو ما لم يحدث، بل إن تحاليل الدم والكلى والكبد، عقب الوفاة، جاءت نتائجها خالية تمامًا من أي سموم.

ومهما ظهرت التقارير المؤكدة أو النافية، فإن وفاة المشير عبدالحكيم عامر، الرجل الثاني في نظام ناصر، ستظل لغزًا يصعب فك شفراته، فمعظم الأبطال الحقيقيين للحدث قد رحلوا إلى عالم آخر.